تحدث التكنولوجيات الرقمية تغييرات بالغة في القطاعات الاقتصادية، وتساهم بصورة كبيرة في توليد فرص العمل والدفع بعجلة النمو. ولهذه التطورات وقع مباشر على مجالات عدة، كالاتصالات والأعمال والصحة والتعليم والمالية، إذ أن لها دور في إعادة تشكيل ملامحها. وتشير الأبحاث في مجال التحول الرقمي إلى أن تسارع وتيرة اعتماد التكنولوجيات الرقمية بحكم تنوع التحديات الداعية لذلك، مؤشر قوي على مدى أهمية المرونة والقدرة على التكيف والتحول الإيجابي.
وفي هذا السياق، يشير التحول الرقمي إلى عملية اعتماد منظمة معينة لأدوات وأساليب رقمية في عملياتها، خاصة المنظمات التي لم تدأب على إدراج العامل الرقمي كجزء من أنشطتها الأساسية أو مواكبة التطورات في التكنولوجيات الرقمية. بالنسبة للمؤسسات العامة، يعد التحول الرقمي أمرا أساسيا لتعزيز الحوكمة، وزيادة الشفافية، وتحسين الخدمات العامة، وتعزيز مشاركة المواطنين. كما أنه يمّكن الحكومات من العمل بكفاءة أكثر، وصنع القرارات بالاستناد على البيانات، والاستجابة بسرعة لاحتياجات السكان. وتشير الأبحاث الأكاديمية إلى أن المنظمات التي تقوم برقمنة عملياتها يمكن أن تتوقع تحسنا كبيرا في الإنتاجية، كما من شأن البلدان التي تنهض بأجندتها الرقمية أن ترى فوائد اقتصادية كبيرة، بما في ذلك زيادات في الناتج المحلي الإجمالي.
وعملية التحول الرقمي على صعيد الحكومات تستلزم مراعاة الغرض العام وتشمل عوامل إضافية تتعلق بملكية واستمرارية البيانات العامة (خاصة الهوية)، وأمن البيانات والخصوصية، وإمكانية الوصول إلى الخدمات الرقمية للجميع، وتعزيز الثقافة الرقمية. كما أن عملية الانتقال من الأنظمة التقليدية قد تشكل تحديات كبيرة للهيئات العامة لكون معظمها تشمل بيانات هامة أو تؤدي وظائف أساسية. ويتعين أيضا على صناع السياسات التطرق للتكنولوجيات الناشئة، مثل سلسلة الكتل (البلوكتشين) والذكاء الاصطناعي، ودراسة تأثيرها على المصلحة العامة واستخدامها في القطاع الخاص، ودور الحكومات في تحويل المجتمعات.
من هذا المنطلق، تم تصميم برنامج سيسرك لبناء القدرات في مجال التحول الرقمي (Digi-CaB) خصيصا للمساهمة في جهود البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في استكشاف مجال التحول الرقمي ومواكبته. والهدف من البرنامج نقل ومشاركة وتبادل المعارف والخبرات وأفضل الممارسات فيما بين البلدان الأعضاء، مع التطرق للتحديات والفرص الفريدة التي تتيحها الرقمنة. ويلبي البرنامج الحاجة المتزايدة للمؤسسات الوطنية لصقل وتعزيز قدراتها، وذلك من خلال مجموعة متنوعة من الأساليب، مثل الدورات التدريبية وورشات العمل والندوات عبر الإنترنت، وما إلى ذلك.
|